المعرفة الباطنيّة GNOSIS    

  تأليف  بوريس مورافييف 

 تعريب وتقديم وتعليق  د/ فؤاد رامز

 الناشر مكتبة مدبولي 

eng
arb frn
 
   

واقعية المعرفة الباطنيّة

 

·       مشكلة المعرفة

    منذ أقدم العصور والإنسان يبحث عن حلّ لمشكلة المعرفة المطلقة. قاعدة كلاسيكية في التلقين أو التلمذة تقول: : "ابحث عن معرفة ذلك، عندما تتعلم شيء ما، ستعرف الكل". إننا نعلّم الطالب المستجد أنه ليفهم الكل فإنه من الضروري أن يعلم القليل، ولكنه لكي يعلم ذلك القليل يجب أن يتعلم كثيراً.

 

   بهذا الترتيب للأفكار المجردة، يمثل مفهوم الغنوصية في روح القدماء، المعرفة الحيّة، وليست المعرفة البسيطة، التي تسبق الفكر السندي الاستنباطي والإيمان.

 

  المعرفة الباطنيّة  GNÔSIS (الغنوصية la Gnose ) والتي تبعاً لقول القديس بولس، ظهرت أيضاً كحكمة سرّية ومحجوبة.

 

·       التقليد الباطنيّ

 

   إذا كان التقليد - والتعاليم المربوطة به - يتبعان التطور التاريخي للإنسان والطبيعة منذ خلقهم، فإنهم لا يظهرون عامة في رأد الضحى.

 

    إن التعليم الباطنيّ كان يعطى دائما للخاصة، ولكن في معظم الأحيان في إطارالنقل الشفهي للتعليم. إن التقليد الباطني المسيحيّ، بالأخص، قد حفظ متكاملاً عبر الأجيال في مخبأ الاستغلاق l’hermetisme الذي قد شكل أداة حماية لزمن طويل. ولكننا يجب أن نلاحظ أن الظروف قد تغيّرت.

 

     لقد أزيح الستار جزئيّا عن التقليد في المنحنى التاريخي الذي نحن فيه، كما كان قد حدث عند مجيء المسيح. وبالتالي، فقد سُهِلت أبحاث جميع الذين يحاولون بكلّ ما لديهم من قوى أن يتفهموا المعنى الحقيقي للحياة، والذين يريدون أن يفهموا مهمة الإنسان المفروضة عليه في العصر الذي نحن على عتبته.

 

·       أزمة العالم الحديث

 

    إن الأزمات المتكررة والمتصاعدة التي تواجه عالمنا الحديث توصلنا إلى التفكير في أن الإنسانية قد وصلت إلى منحنى هام في تاريخها. إن الحضارة العقلانية المحضة التي ولدت الروح الديكارتية قد تُعدِيَت اليوم ومنطق التاريخ يطلب روح جديدة.

 

  الإنسان المعاصر يعلم دائما أن "الجسد أهم من الملبس" مع أنه ينسى الأهم دائما، وهو أن يعلم أن "النفس أهم من الجسد".

 

   والإنيّة التي يعتمد عليها ويفتخر بها كليّة، تأكد عدم كفايتها لتواجه الأزمة الحقيقية إذ إنها متقلبة ومتعددة.

 

    لقد أصبح الإنسان مطالباً من جديد باكتساب وعيه بالمكان الذي يشغله في الكون، الذي هو أيضاً جزء منه وتطوره الذي يشارك فيه شاء ذلك أو لم يشأ.

 

·       الإنسان في مركزالمشكلة

   تتفق كل التقاليد على أن في كل منحنى للتاريخ، الإنسان يكون في وسط المشكلة. وأن في الحل الايجابي لمشكلة الإنسان يكمن الحل لمشكلة الإنسانية.

 

   تذكرناأيضاً كل التقاليد على أن الإنسان لا يصبح إنساناً إلا بولادته الولادة الثانية. ولكن ما هي تلك الشروط - وبالأخص ما هو "دور الإنسان"- اللازمة للوصول إلى تلك الولادة الثانية التي تعطي الحياة إلى الإنسان الجديد كما وصفه القديس بولس؟

 

   إنها الرغبة في الحصول على إجابة تلك السؤال التي تجعل أعداد الذين يميلون إلى الأبحاث الباطنيّة تزداد وتكثر. وتزداد أيضاً محاوراتهم للتقاليد، النابعة من التقليد الأوحد. فإن ذلك التقليد الباطنيّ الأوحد الأصلي قد ظهر قديما، ولا يزال يظهر في أشكال عديدة، يتناسب كل شكل منها تناسباً دقيقا مع عقلية ومع روح المجموعة البشرية التي تتوّجه إليها كلمته، ومع الرسالة التي يوكل بتنفيذها إلى تلك المجموعة البشرية.

 

·       المعرفة الباطنيةGNÔSIS  مدخل إلى المعرفة التي تصلح ليومنا هذا

    خلال القرن الماضي، سمعنا بعض الأصوات تعمم عناصر المعرفة التي طالما خصصت لعدد قليل من البشر حتى ذلك الوقت. لقد كان حكمنا صائبا عندما تذكرنا من بين هذه الأصوات، بوريس مورافييف (1890 - 1966) الذي ترك مؤلفه المرجع المميز والمفيد بالأخص لكل الذين يدرسون الطريق نحوالإنسان الجديد كما أعلن عنه القديس بولس.

    في أبحاثه عن الوسائل العملية لكشف الإنيّة الحقيقية الإنسانية، عاد مؤلِف المعرفة الباطنية إلى مصادر المعرفة التقليدية وبواسطة التجميع مع المعرفة المكتسبة الموجبة، بيّن طريق التطور الذي يجب أن يوصل إلى الإنسان الجديد، القوي روحياً، والعارف دائماً لنفسه، والذي يعلن منطق التاريخ حتمية قدومه.

   كتاب المعرفة الباطنية GNÔSIS  مكون من ثلاثة مجلدات ظهر في عام 1961، ليقدم بشكل دقيق وصارم ولغة عصرية المذهب الباطنيّ المسيحيّ معتمداً بالأخص على تقليد الأرثوذكسيّة الشرقية.

 

   يحتوي كتاب المعرفة الباطنية على أداة عمل مخصصة للباحثين عن حقيقة عصرنا هذا، والباحثين في كل العقائد، والمتمنين القرب والتعمق في تلك الحكمة الإلهية السريّة والمحجوبة التي تتكلم عنها الكتب المقدسة.

 

   إن كلمة "باطنيّ" تصف هنا تعمق في تفسير مشترك للنصوص المقدسة وفي مناهج اصلاح واكتمال الكينونة. وتستطيع أيضاً أن تعني  تلك المعرفة التي تميل إلى توحيد مَلَكَات المكاشفة في الإنسان وثمرات مجهوداته الشخصية.

 

Gnosis

Etudes et Commentaires sur

La Tradition Esoterique de L'Orthodoxie Oriental

Volume 1

traduit en Arabe par

Fouad Ramez 

الصفحة التالية 

 

 

 
       
       
           

تصميم موقع . كم