المعرفة الباطنيّة GNOSIS    

  تأليف  بوريس مورافييف 

 تعريب وتقديم وتعليق  د/ فؤاد رامز

 الناشر مكتبة مدبولي 

eng
arb frn
 
   

سيرة حياة بوريس مورافييف (1890 - 1966)

 

ولد بوريس مورافييف - المعروف بأعماله مؤرخ وكذلك لتعاليمه ومؤلفاته الخاصة بالباطنيّة المسيحيّة - في 8 مارس 1890 في روسيا، كرونستاء، قاعدة بحرية في سان بيترسبورج. وهو الأبن الثاني لثلاثة أبناء لقائد الأسطول الكونت بيوتر بتروفيتش مورافييف - آخر وزير بالبحرية الإمبراطورية أثناء الحرب.

حصل على شهادة ضابط من المدرسة العليا لبحرية الإمبراطورية الروسية في عام 1910 - ترقى بوريس مورافييف في درجات الخدمة الخاصة منذ 1909 حتى 1912 على متن سفينة مدرعة "أورورا" التي أعطت في عام 1917 إشارة الثورة البولشوفية. وأثناء الحرب العالمية الأولى خدم بالقوات البحرية في البحر الأسود. وفي عام 1916 - 1917 قاد أسطول صغير للطوربيد.

عند تنازل القيصر عن المُلك في مارس 1917 رُقي إلى رتبة قبطان مركب بحري في سن 27 عام قبل أن يعيّن مدير مكتب ألكسندر كرنسكي في أول وزارة مؤقته برئاسة الأمير لفوف Lvov   وبعد ذلك عُيّن رئيس أركان حرب مساعد بالبحرية بالبحر الأسود عن طريق كرنسكي الذي أصبح بدوره رئيس الوزارة الروسية حتى خلفه عن طريق البلشوف التابعين للينين أثناء ثورة أكتوبر 1917.

يترك الخدمة بالجيش بعد هدنة برست - ليتوفسك في عام 1918. يستقر في بلدة كريميه ليتفرّغ لأعمال الآثار وكذلك لأبحاثه الباطنيّة والتاريخيّة.

اهتم بوريس مورافييف منذ شبابه بالتقليد الأرثوذكسيّ الشرقيّ، بمساعدة بعض التعليمات التي تركها أندريه مورافييف عمه الكبير (المتوفي في 1874) والذي أسس "صومعة القديس بولس" وهو أحد الأديرة الكبيرة بجبل آثوس Mount Athos. ولقد قام هذا الأخير ببعض الأبحاث في مصر الأخير ببعض الأبحاث في مصر، أرمينيا وكردستان وحتى إيران (فارس) لكي يتوصل إلى آثار خطوات هذا التقليد وبعض مخطوطات القرون الأولى لعصرنا.

وفي نهاية عام 1920 يغادر بوريس مورافييف روسيا متوجها إلى القسطنطينية ثم إلى بلغاريا في 1924.

وفي القسطنطينية في عام 1920 - 1921 يحضر بوريس مورافييف محاضرات عامة يلقيها بيوتر ايفانوفيتش أوسنبسكي. وهنا يُعرّف هذا الأخير بوريس مورافييف بجورج ايفوفيتش جوردييف الذي سيتصل به عدة مرات بعد ذلك في فونتان بلو. جمعت الصداقة التي تأسست على روح واحدة للبحث لعدة سنوات بين بوريس مورافييف و ب. أوسبنسكى وأدت إلى تعميق ومواجهة مقارنة أعمالهم أثناء مقابلاتهم في باريس أو لندن. يحدد بوريس مورافييف طبيعة هذه القيود مع  جوردييف وأوسبنسكى في دراسة منشورة في عام 1957 “Ouspensky et Gurdjieff et les Fragments d’une enseignement inconnu”  مجلة "تجميعات" Synthéses  بروكسل رقم 138 أنظر المراجع على هذا الموقع.

استقر بوريس مورافييف في فرنسا في سنة 1924 بصيغة لاجئ ثم استقر في بوردو، حيث تعرّف على لاريسا باسوف في 1935، المولودة في 1901 في طشقند بأوزباكستان. لاريسا - راقصة باليه، أم لطفل من زواج أول، بوريس فولكوف المولود في 1928 في نويي Neuilly  تزوج منها بوريس مورافييف في 1936 واستقر الثلاثة بباريس في نفس العام.

واصل بوريس مورافييف منذ عام 1921 أبحاثه الخاصة بالتاريخ السياسي والدبلوماسي في روسيا وخاصة ما يتعلق ببطرس الأكبر Pierre le Grand التي سوف تكون موضع لعدة أعمال (أنظر الكتب والمراجع).

عمل كاستشاري لعدة شركات بترول حرة عام 1941 مع تخصيص وقت فراغه لأبحاثه التاريخية وأيضاً للتقليد الباطنيّ للأرثوذكسيّة الشرقيّة.

وفي 11 يونيو يغادر بوريس مورافييف باريس إلى جنوب فرنسا في Carry le Fouet حيث استقرت الشركة التي كان يعمل بها. ثم يستقي بعد ذلك في Aix en Provence حتى يوليو 1943 وأخيرا في Haute Saroie - في Neuvecelle شمال Evian. وسبب عدم تعاونه مع الألمان تم القبض عليه في أوائل 1944 من الجستابو - حجز في Annemane ثم أفرج عنه وظل تحت المراقبة وهنا قررت المقاومة بالبوليس الفرنسي بالإدارة، تنظيم هروبه وكذلك هروب عائلته في 9 مارس 1944 إلى سويسرا. وهنا استقبل بوريس ولاريسا مورافييف كلاجئين وعينوا في معسكر لاجئين في Randa le Vallais. وفي نهاية الحرب نقل الزوجان إلى جنيف حسب طلبه واستقرا مؤقتا في منشأة مسماة Home pour refugiés intellectuels في انتظار أن يقيما ويحيا حياة حرة في شقته بالمدينة.

بلغ بوريس مورافييف من العمر 55 عاما ويجب عليه أن يبدأ من الصفر، وضعه المادي غير مستقر ويمكنه بصعوبة أن يكسب معاشه عن طريق الدروس والترجمة الصناعية.

ألح بوريس مورافييف منذ ابريل 1945 في طلب تسجيله بصفة طالب بمعهد الدراسات العليا الدولية بجنيف. يحصل على دبلوم من هذا المعهد في 1951 بفضل مؤلفه: المعاهدة الروسية التركيه - أثناء حروب نابليون.

أثناء هذه الفترة يشرع في عمل تقديم رسمي للتقليد الأرثوذكسي الشرقي وهو كان يتطلع أولا إلى تقديم هذه العقيدة بطريقة قصصية. (مخطوط غير كامل :”La vie et les rêves de Boris Kouratoff” . في ابريل 1955 يصبح بوريس مورافييف محاضرا خاصا بجامعة جينيف حيث يلقي محاضرات لمدة عامين حتى عام 1962 أحدهم خاص بتاريخ روسيا قبل 1917 والآخر خاص بالفلسفة الباطنية. وقد سُمي هذا العلم بالتحديد: "مقدمة إلى الفلسفة الباطنية حسب التقليد الباطني للأرثوذكسية الشرقية" وقد جمع بصفة منتظمة ما بين عشرة وثلاثون تلميذاً.

محاضرة المقدمة للعام الجامعي 1956 والتي كان موضوعها "مشكلة الإنسان الجديد" نشرت بجريدة "تجميعات" Syntheses كما تبعها مقالات أخرى بعد ذلك. أنظر المراجع على موقع المؤلف على الانترنت.

ساعد التعليم المتفرق الذي أعطاه بجامعة جينيف كأساس في كتابة عمله الرئيسي "المعرفة الباطنية" Gnôsis الذي صدر مجلده الأول في 1961، وهو ما تم نشره اليوم باللغة العربية، عن طريق دار النشر La Colombie بباريس. وقد حصل على جائزة Victor Emile Michelet لهذا العمل وذلك عن أفضل عمل أدبي باطني لوضوح الموضوع وأهميته والوقائع المسرودة ودقة التفاصيل.

بوريس مورافييف كان روحا بارة دقيقة وموحدة، غير متغيرة، قدم وعلق على التقليد الباطني للأرثوذكسية الشرقية بلغة موضوعية واضحة وفي متناول الإنسان العاصر المثقف.

في نفس هذا العام 1961 أنشأ بوريس مورافييف مركز الدراسات المسيحية الباطنية ومقره جينيف والذي سيرأسه ويحييه حتى مماته. الهدف الرئيسي لهذا المركز كان المشاركة في بناء الإنسان الجديد الذي كان من أحلام بوريس مورافييف - ليتكون ذلك الإنسان في تلك المرحلة التاريخية الحساسة - مرحلتنا - التي كان يصفها "بالمرحلة الانتقالية" والتي تقع بين دورة تنتهي ودورة جديدة تحمل وعوداً بقدر ما تحمل مخاطر ثقيلة.

وفي أعقاب نشر المجلد الأول للمعرفة الباطنية وصله مراسلات ضخمة - ولم يكتف بالرد على الأشخاص المهتمين بالتعاليم المنشورة فيه - بل شجع تأسيس مجموعات دراسات باطنية في جينيف وباريس وليل وبروكسل والقاهرة والكونجو وغيرها.

هذه المجموعات التي تكونت في كنف مركز الدراسات الباطنية كان هدفها المشترك هو تعميق دراسة وفهم العقيدة الباطنية.

وفي عام 1962 أخذ بوريس مورافييف أجازة من جامعة جينيف ليتفرغ عاما لأنشطة المركز ولكتابة المجلدين الأخيرين من الثلاثية من المعرفة الباطنية ويظهر المجلد الثاني في 1962 والمجلد الثالث في 1965.

وفي إطار مركز الدراسات المسيحية الباطنية لاحظ بوريس مورافييف أن المهتمين يزدادون في شكل مجموعات عمل دراسية متفرقة فتابع عملها بنفسه في شكل ردود على أسئلة أعضائها منفردة كانت أو جماعية. وقام أيضا بزيارة بعض من هذه المجموعات لدعمها شخصياً. فقام بزيارات إلى باريس وليل وبروكسيل واليونان عام 1964 والتي تم بعدها مباشرة ظهور الترجمة اليونانية لكتاب المعرفة الباطنية.

خصص بوريس مورافييف السنوات الأخيرة من حياته لشرح، وتعليم، وتدعيم، وتعميق تطبيق المعرفة الباطنية وذلك بكتاية مجموعة تعليقات على التعليم المسيحي الباطني les Stromates والتي استعار بوريس مورافييف عنوانها من القديس كليمنت الاسكندرى .

قام بعد ذلك بتجميع هذه التعليقات تحت عنوان علم "فن القهر" L’Art de Vaincre وفي إطار مشروعه الطموح لاستكمال التعليم المعطى في كتاب المعرفة الباطنية وذلك عن طريق ردود عملية على الأسئلة التي تثيرها دراسة العقيدة المسيحية الباطنية في المهتمين بها. وقد ظهر الفصل الأول في 1966 ثم تلاه فصلان آخران بعد وفاة المؤلِف.

أثر هذا المجهود الضخم الذي قام به بوريس مورافييف في صحته فتعرض لأزمة قلبية في مارس 1965 أجبرته على راحة قصيرة في مدينة كان الفرنسية. وفي يونيو 1966 تعرض لأزمة روماتيزم مفصلي مصحوب بآلام شديدة ألزمته الفراش.

توفى بوريس مورافييف في جينيف بأزمة قلبية يوم 28 سبتمبر 1966 عن عمر يناهز 76 عاماً ويرقد الآن بمدافن سانت جورج في جينيف.

أوقف مركز الدراسات المسيحية الباطنية نشاطه بعد وفاة مؤسسه.

أصدرت أرملته لاريسا مورافييف الفصلين 2 و 3 من مجموعة التعليقات على التعليم المسيحي الباطني Les Stromates  في عامي 1968 و1970 وسهرت على أرشيف المركز الذي أودعته المكتبة العامة والجامعية في جينيف قبل أن تسافر إلى كندا لتلحق بابنها. توفت لاريسا مرافييف في مونتريال يوم 26 سبتمبر 1989 تاركة بوريس فولكوف الوريث الوحيد لحقوق بوريس مورافييف.

تأسس أرشيف وقسم خاص باسم بوريس مورافييف بالمكتبة العامة والجامعية بجينيف ليتمكن الباحثون المهتمين من التردد عليه للدراسة والحصول على كافة مؤلفاته وأعماله.

أما عن جمعية بوريس مورافييف فقد حددت لنفسها كهدف أساسي متابعة انتشار الأعمال الباطنية التي صدرت ودوام توافرها للمهتمين.

"ترجمة عن موقع Assocation Boris Mouravieff على شبكة الانترنت".

 

الصفحة التالية

 

 
       
       
           

تصميم موقع . كم